إزالة المنافس السياسي هي تفكيك ما تبقى من اقتصاد تركيا
تأتي الأزمة المستمرة في تركيا، التي أشعلها اعتقال عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، في وقت حساس للغاية - حينما كان وزير المالية محمد شيمشك والبنك المركزي قد نجحا في كبح التضخم وكانا يخفِّضان أسعار الفائدة بشكل tentative. ومع ذلك، فإن الحكم الأخير للمحكمة بتمديد احتجاز إمام أوغلو قبل المحاكمة قد أعاد إشعال عدم الاستقرار الكبير، مما يهدد الاستقرار الاقتصادي ويهز ثقة المستثمرين.
اعتقال إمام أوغلو، مع عدد من المساعدين يوم الخميس الماضي بتهمة "الفساد والمساعدة على الإرهاب"، أرسل صدمات إلى الأسواق التركية التي تعاني من الهشاشة بالفعل. وقد أبرزت التداعيات الفورية هذا الاضطراب: فقد انخفضت بورصة إسطنبول بنحو 8% خلال ساعات، مما أدى إلى محو مليارات من القيمة السوقية. وفي الوقت نفسه، انخفضت الليرة التركية إلى مستويات غير مسبوقة مقابل كل من اليورو والدولار الأمريكي، مما يُشير إلى ذعر المستثمرين وفقدان كبير للثقة.
لم يكن بإمكان سوى تدخل قوي من البنك المركزي—حقن نحو 8-10 مليارات دولار من احتياطياته من العملات الأجنبية—أن يمنع مزيدًا من الانخفاض في قيمة العملة. بينما خدم هذا التحرك في استقرار الليرة مؤقتاً، فإن فعالية مثل هذه التدخلات محدودة؛ على الرغم من احتفاظه بنحو 60 مليار دولار من الاحتياطيات، يمكن أن يؤدي عدم الاستقرار السياسي المستمر إلى استنزاف هذه الحواجز بسرعة، مما يترك الاقتصاد عرضة للخطر بشكل كبير.
بحلول يوم الجمعة، أظهرت الأسواق علامات مترددة من التعافي، مع انتعاش طفيف بنسبة 2%، وزيادات تتجاوز 3% لاحظت صباح يوم الاثنين. ومع ذلك، ينصح المحللون بالحذر في تفسير هذه الزيادة المحدودة كعلامة على الاستقرار الدائم. قرار المحكمة يوم الأحد بابقاء إمام أوغلو في الاحتجاز حتى محاكمته يُبرز الدفع المستمر للرئيس رجب طيب أردوغان لتحييد أبرز منافسيه سياسيًا، المتوقع أن ينافس أردوغان في انتخابات 2028 الحاسمة.
القمع السياسي يشعل unrest المدني
إكريم إمام أوغلو يبرز كشخصية سياسية تتجاوز فقط كونه شخصية سياسية نمطية. وجوده الجذاب يتخطى الانقسامات الحزبية الراسخة، مما يوسع قاعدته الانتخابية بشكل كبير. نتيجة لذلك، أثار اعتقاله رد فعل فوري وحار، حيث اندلعت مظاهرات كبيرة في إسطنبول وأنقرة وإزمير ومدن كبرى أخرى. يرى المنتقدون لأردوغان أن التهم سياسية بحتة، مدفوعة فقط برغبة أردوغان لتعزيز سلطته في انتظار المعارك الانتخابية المستقبلية.
ترددت إسطنبول بسرعة إلى الفوضى بسبب الاحتجاجات المستمرة، مما أدى إلى اضطرابات كبيرة في وسائل النقل. قامت السلطات بتنفيذ قيود، بما في ذلك العديد من نقاط التفتيش الشرطية وتحويلات الطرق، مما زاد من تعقيد وسائل النقل العام والأنشطة التجارية. هذه الاضطرابات لا تسبب فقط إزعاجاً للسكان، ولكن لها أيضًا تأثير كبير على المشاريع الصغيرة وقطاعات الخدمات والإنتاجية العامة، مما يعمق انعدام الأمن الاقتصادي.
تداعيات اقتصادية فورية ومشاعر المستثمرين
أثارت تداعيات اعتقال إمام أوغلو البارز ردود فعل سريعة من المستثمرين الدوليين والمؤسسات المالية الرائدة. قامت جيه بي مورغان على الفور بتعديل توقعاتها الاقتصادية لتركيا، حيث رفعت تقديرها للتضخم في نهاية العام من 27.2% إلى 29.5%. وبالمثل، تتوقع جيه بي مورغان الآن أن ترتفع أسعار الفائدة التركية لتصل إلى 35% بنهاية العام، وهو زيادة كبيرة مقارنة بالتوقع السابق البالغ 30%. تعكس هذه التعديلات بوضوح تراجع ثقة المستثمرين في آفاق تركيا الاقتصادية على المدى القصير إلى المتوسط.
تأتي هذه الاضطرابات السياسية والاقتصادية في وقت حساس بشكل خاص. بعد إنهاء عام 2024 بتضخم حوالي 40%، بانخفاض كبير عن 75% في العام السابق، انتقل البنك المركزي التركي بحذر نحو استراتيجية تخفيضات تدريجية في أسعار الفائدة. كانت هذه التخفيضات، التي أدارها وزير المالية محمد شيمشك بمهارة، علامة على التعافي الأولي لتركيا من الركود الحاد الذي شهدته في معظم عام 2024. بدا أن نمو الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي الذي بلغ 3.2%، بما في ذلك زيادة قوية في الربع الأخير بنسبة 3%، يشير إلى انتعاش اقتصادي تدريجي.
ومع ذلك، فإن الاضطرابات السياسية المفاجئة التي أثارها احتجاز إمام أوغلو تهدد بإضعاف هذه الإنجازات التي تم تحقيقها بصعوبة. قد يؤدي التقلب المستمر في الأسواق إلى عكس التقدم الأخير، مما يؤدي بسرعة إلى تفكيك شهور من صنع السياسة بعناية من قبل وزارة المالية والبنك المركزي.
إرادة أردوغان والتداعيات الجيوسياسية
تتضح إرادة الرئيس أردوغان الثابتة للتخلص من التهديدات السياسية قبل الانتخابات المقبلة بشكل متزايد. بينما قد تحقق مثل هذه التكتيكات أهدافًا سياسية قصيرة الأجل، فإنها في الوقت نفسه تضر بمكانة تركيا الدولية وفرصها الاقتصادية وتأثيرها الدبلوماسي. يعبر المراقبون عن قلقهم من أن التدابير الاستبدادية المستمرة قد تعزل تركيا أكثر على الساحة الجيوسياسية، وتهيئها للوصول إلى أسواق رأس المال الأجنبية، وتعقد المفاوضات الدولية المهمة، خاصة مع الشركاء الرئيسيين في أوروبا والولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، ت exacerbates الاعتقالات الأخيرة العلاقات المتوترة بالفعل مع الاتحاد الأوروبي، مما يزرع الشك في آفاق تركيا طويلة الأجل للتعاون الاقتصادي، بما في ذلك اتفاقيات التجارة الضرورية والاستثمار الأجنبي المباشر. وقد أعرب البرلمان الأوروبي والكونغرس الأمريكي سابقاً عن مخاوف كبيرة بشأن تراجع الديمقراطية في تركيا، ومن المؤكد أن الأحداث الأخيرة ستعزز هذه الانتقادات.
قلق المستثمرين الأجانب ومخاطر هروب رأس المال
زادت الاعتقالات بشكل كبير من عدم اليقين لدى المستثمرين الأجانب، مما أدى إلى تحول ملحوظ بعيداً عن الأصول التركية نحو بدائل أكثر أمانًا مثل الذهب والدولارات الأمريكية. يتوقع المحللون استمرار الضغط على الليرة، مما قد يؤدي إلى انخفاض إضافي. قد يؤدي الانخفاض المستمر بنسبة 10% سنويًا في الليرة التركية، مما يعكس انخفاضات قصيرة الأجل مؤخرًا، إلى زيادة معدلات التضخم بحوالي 5% سنويًا، مما يعقد جهود تركيا لمكافحة التضخم.
يمكن أن يسرع المستثمرون الأجانب، الذين يشعرون بالفعل بالقلق بسبب الأزمات العملة السابقة وعدم اليقين السياسي، من سحب رأس مالهم. يمكن أن تؤدي مثل هذه الاتجاهات إلى إلحاق ضرر دائم باستقرار تركيا المالي، مما يحد من الاستثمار الأجنبي المباشر الحيوي للنمو الاقتصادي المستدام.
سياسة سعر الفائدة تحت ضغط متزايد
في ظل هذا المشهد من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي المتزايد، لا تزال هناك شكوك بشأن الإجراءات السياسية المقبلة للبنك المركزي. منذ ديسمبر 2024، قام البنك المركزي بتنفيذ ثلاث تخفيضات متتالية في أسعار الفائدة، مدفوعة بامتعاض التضخم السابق. في الوقت الحالي، يبلغ سعر الفائدة المرجعي في تركيا 42.5%، بانخفاض كبير عن 50% في نهاية عام 2024.
وبالنظر إلى عودة الضغوط التضخمية واستمرار عدم الاستقرار السياسي، قد يشعر البنك المركزي بضرورة عكس تخفيضاته الأخيرة في الأسعار. ومع ذلك، يبقى وزير المالية شيمشك ثابتًا علنياً، ملتزماً بمواصلة التخفيضات الحذرة. على الرغم من اعترافه بأن التطورات الأخيرة تمثل تحديًا، إلا أن شيمشك يصر على الالتزام بمساره المتبع، ساعيًا لتحقيق توازن بين السيطرة على التضخم والتحفيز الاقتصادي.
ومع ذلك، قد تؤثر ردود فعل السوق في النهاية على تغييرات السياسة، مما يجبر البنك المركزي على إعادة تقييم استراتيجيته. يتكهن المحللون أن البنك قد يحتاج إلى تأجيل المزيد من التخفيضات المخطط لها في الأشهر المقبلة، متبنيًا موقفًا حذرًا وتفاعليًا لمعالجة عدم اليقين الاقتصادي الناجم عن الاضطرابات السياسية.
الخاتمة وآفاق المستقبل
تشكل الأزمة السياسية المستمرة المحيطة باحتجاز إكريم إمام أوغلو مخاطر كبيرة على المستقبل الاقتصادي لتركيا. بينما قد تتحقق أهداف أردوغان السياسية القصيرة الأجل من خلال تحييد الخصوم الرئيسيين، فإن التداعيات الأطول أجلاً—تصاعد التضخم، وهروب رأس المال، وتراجع ثقة المستثمرين—قد تهدد بشدة استقرار الاقتصاد الأوسع ومكانته الدولية.
يجب أن يستعد المستثمرون وصانعو السياسات لمزيد من التقلبات، مع متابعة مؤشرات رئيسية عن كثب: تقلبات العملة، وأرقام التضخم، وأنشطة المستثمرين، وتحديثات السياسات الحكومية. في النهاية، سيكون استقرار السياسة وتعزيز الثقة أمرًا حاسمًا لانتعاش تركيا الاقتصادي طويل الأجل واستدامتها.
بدون اتخاذ تدابير تصحيحية فورية ومصالحة سياسية، تخاطر تركيا بانخفاض اقتصادي كبير، مما قد يضحي لسنوات من التقدم الذي تم تحقيقه بصعوبة من أجل مكاسب سياسية قصيرة الأجل.
Translation:
Translated by AI
Newsletter
Related Articles