التعاون الأمريكي-الإماراتي: إطلاق مركز الذكاء الاصطناعي الإماراتي-الأمريكي
إن إنشاء مركز الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي يُعبر عن شراكة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون التكنولوجي.
استضافت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا زيارة رسمية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مما يمثل نقطة فارقة في العلاقات الثنائية بين البلدين.
اختتمت الزيارة بإعلان إنشاء مركز الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي في أبوظبي.
عُقد الاجتماع في قصر الوطن، مما يعكس عمق التعاون الدبلوماسي والسياسي والاستراتيجي بين الإمارات والولايات المتحدة.
تمثل هذه الشراكة خطوة نحو تعزيز مكانة الإمارات على خارطة الابتكار العالمية.
يثير إنشاء المركز تساؤلات حاسمة بشأن العوامل التي تضع الإمارات كشريك استراتيجي مفضل للولايات المتحدة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، متفوقةً على دول أخرى في المنطقة والعالم.
يمكن إرجاع هذه المكانة إلى إطار شامل وضعته قيادة الإمارات على مدى سنوات عديدة، استنادًا إلى عناصر أساسية من القوة العامة للدولة.
تشمل هذه العناصر رؤية قيادية استباقية، استقرار سياسي، موقع جغرافي ملائم، وبيئة قانونية وتنظيمية مساعدة تدعم نمو اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار.
علاوة على ذلك، أصبحت الإمارات رائدة في استخدام القوة الناعمة لتحقيق المصالح الوطنية ضمن إطار من التعاون السلمي.
تعزز هذه العوامل من خلال بنية تحتية رقمية متطورة، وسياسات ابتكار، واستثمارات في رأس المال البشري، مما يخلق بيئة مثالية لتوطين شراكات تكنولوجية معقدة.
يعمل المركز الإماراتي الأمريكي كمنصة متكاملة للبحث والتطوير، ويعمل كحديقة علمية متخصصة تحفز الابتكار المحلي وتدفعه نحو الأسواق الإقليمية والعالمية بما يتماشى مع رؤية الإمارات 2071، التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي.
قدمت قيادة الإمارات أولوية لتأسيس مجتمع قائم على المعرفة مدعوم بتقدم تكنولوجي، يتجسد من خلال إنشاء أول وزارة في العالم للذكاء الاصطناعي في عام 2017. وتم تكملته بإطلاق استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031، وهو إطار وطني لاستغلال الذكاء الاصطناعي عبر القطاعات الحيوية.
يركز مكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد على تحقيق أهداف استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي واستراتيجية الاقتصاد الرقمي الوطني، بهدف تعزيز مكانة الإمارات كوجهة أساسية للابتكار في الذكاء الاصطناعي والتقنيات المستقبلية الأخرى.
أنشأت الإمارات مجالس متخصصة، مثل مجلس الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، ومجلس أبحاث التكنولوجيا المتقدمة، ومعهد تكنولوجيا الابتكار (TII)، الذي يضم عشرة مراكز أبحاث متطورة.
تستضيف الإمارات أيضًا العديد من الشركات العالمية الرائدة المتخصصة في التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، مثل EDGE وAI71 التي تأسست مؤخرًا، والتي تركز على تقديم حلول تحكم بيانات غير مسبوقة من خلال الذكاء الاصطناعي.
بالإضافة إلى ذلك، ساهمت مؤسسات مثل هيئة أبوظبي الرقمية ومؤسسة دبي للمستقبل، جنبًا إلى جنب مع مبادرات مثل برنامج الحكومة الذكية، في تعزيز الأداء المؤسسي والشفافية أثناء تطوير بنية تحتية تكنولوجية متقدمة، بما في ذلك شبكات 5G ومراكز بيانات عالمية.
يمتد هذا الرؤية لدعم المدن الذكية من خلال مشاريع مثل مدينة مصدر، المدينة الذكية في دبي، وواحة دبي للسيليكون، بالإضافة إلى المناطق الحرة المتخصصة مثل مدينة دبي للإنترنت وحديقة الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار.
تعترف الإمارات بأنه لا يمكن تحقيق التحول الرقمي بدون قاعدة بشرية مؤهلة وقد استثمرت بشكل كبير في تطوير الكفاءات الوطنية من خلال إنشاء جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، أول جامعة دراسات عليا في العالم متخصصة في الذكاء الاصطناعي تركز على البحث والتطوير وإعداد قادة المستقبل.
أنشأت هذه المؤسسة شراكات أكاديمية دولية مع كيانات بحثية مرموقة، بما في ذلك معهد ماساتشوستس للتقنية وجامعة ستانفورد.
بالإضافة إلى إنشاء خط لمد تدفق المواهب من خلال جامعات مثل جامعة خليفة وجامعة حمدان بن محمد الذكية، تركز الإمارات أيضًا على تدريب طلاب المرحلة الابتدائية والثانوية في الذكاء الاصطناعي من خلال مناهج متخصصة.
ومن الملاحظ أن إطلاق مبادرات وطنية كبرى مثل "مليون مبرمج عربي" يعكس الالتزام بتأهيل الشباب.
تشمل نهج الإمارات أيضًا بُعدًا دوليًا، مما يعزز الشراكات العالمية في البحث والتطوير، مما جعلها واحدة من أكثر الدول استعدادًا رقميًا حسب التقارير العالمية.
تم تنظيم معارض تكنولوجية كبرى في دبي، مثل GITEX Global، بينما كانت جلسات في متحف المستقبل قد ضمت خبراء عالميين بارزين، مما عزز من مكانة الإمارات كمركز عالمي للتكنولوجيا.
وقد تم تسليط الضوء على الجهود ضمن إطار التعاون الإماراتي الأمريكي من خلال اتفاقيات وشراكات استراتيجية تضع أساسًا قويًا لهذا المشروع الحيوي في الذكاء الاصطناعي.
من المتوقع أن يمتلك المركز الإماراتي الأمريكي قدرات تشغيلية تصل إلى خمسة جيجاوات، مما يشير إلى القوة الحاسوبية الكبيرة المطلوبة لإنتاج ومعالجة البيانات.
ستستخدم هذه المنشأة مزيجًا من مصادر الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية، والطاقة النووية، والغاز الطبيعي، ضمن منطقة شاسعة تبلغ 10 أميال مربعة، وهو ما يعكس التزامًا استراتيجيًا لتحقيق الاستدامة البيئية مع التقدم التكنولوجي.
يهدف المشروع إلى جذب شركات أمريكية كبيرة واستثمارات أجنبية قادرة على استغلال قدراته لتوفير خدمات الحوسبة الإقليمية، وقد يكون قادرًا على تقديم خدمات عالية التقنية وذات جودة لحوالي نصف سكان العالم ضمن مدى 3200 كيلومتر، مع خلق وظائف متخصصة في تحليل البيانات، وتطوير البرمجيات، والهندسة التقنية، مما يعزز الصادرات الوطنية في الخدمات الرقمية.
لعبت شركة G42، ومقرها الإمارات، دورًا محوريًا في تعزيز التعاون الفني مع الولايات المتحدة من خلال تحالفات استراتيجية مع شركات أمريكية كبرى، مثل NVIDIA، لتطوير وتوطين تقنيات الحوسبة عالية الأداء.
تدعم هذه التعاون اتفاقيات أمنية متطورة تحمي التقنيات الحساسة وتعزز من الثقة طويلة الأمد في العلاقات الثنائية.
يتماشى المشروع بسلاسة مع السياسات الوطنية الإماراتية ويدمج مع أهدافها الاستراتيجية العامة، مما يجعل الذكاء الاصطناعي مكونًا أساسيًا في التنمية البشرية والاقتصاد الرقمي.
يتناغم هذا النهج مع المبادئ العشرة للسنوات الخمسين المقبلة، التي قدمتها قيادة الإمارات كخارطة طريق للمستقبل ويعزز شراكة طويلة الأمد مع الولايات المتحدة، تشمل التكنولوجيا، والاقتصاد، والتعليم، والأمن.
تعمل هذه العوامل على الارتقاء بمكانة الإمارات كدولة توازن بين الطموح التكنولوجي والتنفيذ العملي، مما يؤسس لصورة دولية متسقة عن قدرتها على تحويل الرؤى إلى واقع، خاصةً مع سجلها الحافل في الطاقة النووية، ومبادرات الفضاء، والتكنولوجيا المتقدمة.
في مجال الأمن والدفاع، يتم دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن الاستراتيجيات الوطنية التي تدعم صناعات الأمن والدفاع من خلال تقنيات المحاكاة، وتحليل البيانات، وصور الأقمار الصناعية، مما يعزز قدرة الدولة على اتخاذ قرارات سريعة ودقيقة.
وعلى الرغم من التقدم، تعترف الإمارات أيضًا بالتحديات المترتبة، خاصة في مجال الأمن السيبراني والحاجة إلى كفاءات وطنية مؤهلة.
لمعالجة هذا، وضعت الدولة خطة معرفية شاملة تشمل الشراكات الأكاديمية، والتعليم الفني، والتدريب المهني المستمر.
في هذا السياق، تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني في عام 2019 لتعزيز بيئة رقمية آمنة وقادرة على الصمود.
في إطار متكامل هذا، يبرز المركز الإماراتي الأمريكي للذكاء الاصطناعي كنموذج فريد من نوعه للشراكة الاستراتيجية، يجسد الطموحات الطموحة للإمارات حيث تضع نفسها في قلب التحولات التكنولوجية العالمية، ساعية لأن تكون عاصمة الذكاء الاصطناعي وفاعلاً رئيسيًا في العصر الرقمي الجديد.
Translation:
Translated by AI
Newsletter
Related Articles